ورثنا من الأقدمين نظاماً
حسابياً إرتبط مع الحروف العربية سمّي بحساب الجُمّل بضم الجيم وتشديد
الميم, سيتضح لنا بعد تبيانه أنه ببساطة حساب للجُمَل بفتح الميم, فيتفق
معنى الإسم مع مضمون الحساب والمراد منه, هذا النظام الحسابي أيها الأعزة
أعطى لكل حرف عدداً خاصاً به, وهو على الشكل المبيّن في الصورة
أدناه.
حروف اللسان العربي مع القيم الرقمية المرتبطة بها |
عند هذه النقطة يتبادر سؤالين إلى الأذهان..
أولهما.. لماذا الحروف العربية مرتبة على هذا الأساس ؟
والثاني.. لماذا تم توزيع الأرقام والأعداد بهذا النمط على الحروف ؟
جواب السؤال الأول:
أتت النظرة الأكادمية بمسألة
ترتيب الحروف لتقول لنا أن أول أبجدية وجدت في التاريخ هي الأبجدية
الفينيقية, وهم قاطني السواحل اللبنانية وحضارتهم معروفة وأهل الحرف
وأول من فصل الألفاظ المنطوقة إلى حروف مكتوبة, تلقف منهم الإغريق
والرومان هذه المنظومة وأعتمدوها في التدوين وحفظ أمورهم (وخصوصاً في
معاملاتهم التجارية عبر البحر المتوسط) لسهولتها مع مدى قدرتها على
التفصيل, وأدخلوا عليها تعديلاتهم الخاصة في الحروف المنطوقة بألسنتهم, وقبل
إكتشاف هذه المنظومة الحرفية للكتابة والتدوين كان النظام الهيروغليفي في
مصر وقبله المسماري في وادي الرافدين من العراق هو المتبع, هذا كان
إختصاراً للنظرة الأكاديمية حول تاريخ الكتابة المعاصرة.
نقتبس هنا مسألة مما تم ذكرها في النظرة الأكادمية حول حروف العلة المنطوقة إغريقياً ولاتينياً والتي تشكلت عن الأصل من الحروف الفينيقية.
The Greek and Latin vowels were formed from these letters in the Phoenician alphabetA – aleph – حرف الألفE – he – حرف الهاءI – yodh – حرف الياءO – ayin – حرف العينU – waw – حرف الواو
وبنظرة على الحروف الفينيقية وترتيبها نجد أنها مطابقة بالتمام لحروف اللسان العربي إلا ما زاد من حروف منطوقة في العربية عن الفينيقية تم
ترتيبها بعد آخر حرف فينيقي وهو حرف التاو الذي يقابله حرف التاء في العربية, والصورة أدناه تبين المكتوب.
إلى هنا نكون أجبنا عن
سؤال طريقة ترتيب الحروف الأبجدي, وأما الترتيب الأبتثي المعتمد لها حالياً (أ ب ت ث) فهو
ترتيب حديث للحروف لم نهتم به أساساً, وهناك تراتيب أخرى حسب المخرج النطقي
لكل حرف لا تهمنا في موضوعنا, وسنكتشف في النهاية ما هو أعمق من النظرة
الأكادمية بخصوص بداية الكتابة بالمنظومة الحرفية لكن نكتفي بها اللحظة
لتبيان أصل الترتيب الحرفي.
مقارنة بين ترتيب الحروف العربية والترتيب الفينييقي للحروف |
جواب السؤال الثاني:
مسألة الأرقام المرتبطة بهذا النسق التسلسلي مع الحروف لها جذورها الممتدة عبر الزمان والموغلة
قدماً في التاريخ, ونجدها متبعة مع أكثر الأبجديات القديمة إذا لم تكن سارية على جميعها, وعلى أقل تقدير نجدها في زمننا متبعة مع الحروف العبرية, ومن قبل مع الحروف الإغريقية وكذلك الأمر بالنسبة للألسنة (اللغات) التي تفرعت من
اللاتينية.
وبغض النظر عن خلاف الأنماط الرقمية المستحدثة التي
إرتبطت مع الأبجديات الحديثة إلا إن أصل المسألة يبقى متبعاً, وهو أن لكل
حرف رقماً يوازيه, فمثلاً الحروف الإنجليزية حالياً لها نمط رقمي
تسلسلي من 1 إلى 26, لكن كل الأبجديات القديمة إرتبط بها النسق التسلسلي الذي نحن بصدد تفسيره, وسنطلق عليه تسمية النمط (أعم)
كناية عن نسقه الأحادي العشاري المائوي وإختصاراً لإسمه عند الإشارة إليه
في المواضيع القادمة.
ونختم الجواب هنا بمقتطف قصير من كلام مأثور عن
فيثاغورس كحلقة وصل بيننا وبين الماضي القديم وشهادة منه تفيد هذه المسألة,
يقول فيه ما مفاده:
وفقاً لفيثاغورس: ..(تستعمل اللغات نظاماً رقمياً, خصوصاً اللغات القديمة)..According to Pythagoras: .."languages use a numbering system, especially ancient languages"..
الترتيب الأبجدي لحروف اللغة الإغريقية والعبرية مع النمط الرقمي (أعم) المرتبط بها |
تحياتي لكم.. ضياء المقداد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق